شهيدا.. لكني مازلت
أحارب.
سقطت على الأرض بعد نضال ليس بقصير مع العدو الصهيوني، فعلت كل ما أستطيع
فعله لإحارب المجرمين القتلة الذين سرقوا أرضي، و نهبوا حريتي، وحرموني من التعليم
والعمل. الجبناء الذين قتلوا الأطفال والنساء، و هدموا البيوت على الناس الأبرياء.
" سقط رجل!.. لقد سقط رجل!" هذا ما سمعته بعد سقوطي. لم أكن أعلم
من كانوا يقصدون، حاولت أن أنهض مجددا لكن بدون جدوى، مالذي جرى فجأة؟! لماذا لا
أستطيع القيام؟ لماذا لا أستطيع حتى بتحريك أطرافي؟ هل..؟ لا، لا. هذا مستحيل! هذا
غير بمعقول! لو مت لما قدرت على أن أسمع الحوارات التي تدور حوالي. لما قدرت على
الإحساس والإرادة بالنهوض والمواجهة مرة أخرى. لكن، أنا لا أستطيع أن أفتح عيني أو
أن أنطق بكلمة أو حتى أن أآن من الألم.. الألم، لماذا لا أحس فيه؟ أتذكر إني أصبت
في طلقة في صدري قبل أن أسقط، يجب أن أحس بالألم أي وقت من الآن. لكن، لا يوجد
شيء، لا أحس بشيء.. أصبحت جثة ملقاة على الأرض بين عدد من الجثث الأخرى المليئة
بالدماء.
أحسست بشيء يحركني بعد فترة، لقد كانوا أصحابي وأهلي هم من قاموا بتحريكي
وإنتشالي من على الأرض ووضعي على صدورهم وهم يجرون بعيدا عن الطلق المتواصل من
الصهاينة. أحسست بأخي وهو يضع يديه على كتفي محاولا هزي بقصد إيقاظي، لكن دون جدوى.
أحسست بأمي وأخواتي وهم يصرخون وينتحبون، ويكذبون أعينهم، فهم لا يريدون تصديق أن
إبنهم البكر قد فارق الحياة. أحسست بوالدي وهو يمسح على وجهي ويقبل جبيني ويمسك
بأمي ويقول لها "مبروك، لقد أصبح إبننا شهيدا. إحمدي الله يا أم محمد. إحمدي
الله. لقد دخل محمد الجنة من أوسع أبوابها!."
تمنيت أن أعود للحياة لدقيقة واحدة فقط، لكي أقول لأمي ولأخواتي ولأصحابي
ولأهلي، بأن لا يحزنوا علي. كلام والدي كان صحيحا. لقد ضحيت بروحي من أجل أرضي
الغالية فلسطين، كما ضحى الكثير من قبلي. لا أريد أحد أن يبكي علي لأني فارقت
الحياة، أريدهم أن يعرف الجميع أن هذا ما كنت أتمناه، أن أستشهد من أجل وطني. أريد
كل أهلي و ناسي أن يناضلوا من بعدي لإسترجاع الأرض الشريفة التي نهبت وسرقت من
عندنا. أريدهم أن يقاوموا الظلم والإستبداد من أجل أن ينعموا بحياة الحرية بعد
ذلك. لا أريد من أحد أن ينسى أي شهيد سقط من أجل الوطن، فدماءهم لم تسقط هدرا! لقد
سالت الدماء من أجل محاربة الأعداء اليهود الصهاينة، الذين كانوا أعداء المسلمين
منذ فجر الإسلام. "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند
ربهم يرزقون."
لا أريد أن أموت الآن، فلا زلت أريد المقاومة والمحاربة. لا أريد أن أموت
قبل أن تنعم أمي بنوم هنيء من دون أن تقلق على مصير الأسرة، لا أريد أن أموت قبل
أن أكمل دراستي و أعمل عملا يعيل عائلتي، لا أريد أن أموت قبل أن نكمل وجبة العشاء
البسيطة دون أن يقاطعنا دوي الرصاص، لا أريد أن أموت قبل أن أستمتع بيوم واحد على
أرضي دون أن أرى دماء متطايرة أو جثث على الأرض كلما خطوت خطوة خارج الحي، لا أريد
أن أموت قبل أن أصلي ولو على الأقل صلاة واحدة في مسجد الأقصى. ثالث المساجد التي
يشد إليها الرحال. كم من الحزين أن نملك هذه الثروة في وطننا ونحن محرومون من
دخولها والصلاة فيها. أنا أبدا لا أريد أن أموت قبل أن آرى وطني الغالي وهو يتحرر
من الكيان الصهيوني الى الأبد.. لكن هذه حكمة الله تعالى، ولا يمكن الإعتراض
عليها.
لكن أنا لن أستسلم، سوف أناضل حتى لو كنت ميتا في قبري، سوف أري الله الدماء
التي أهدرتموها يوم الحساب. سوف أكون معكم يا شعبي العزيز عندما تستمرون في
المناضلة و المحاربة، سوف أكون معكم في السماء أدعي لكم وأدعي عليهم. لا أريد من
أحد أن يستسلم، أريدكم أن تحاربوا حتى تسيل أخر قطرة دم من أخر رجل على وجه
فلسطين. نحن المسلمون الذين أسسنا هذا الوطن، لا نريد من أعداء الإسلام أن يستولوا
عليها. حاربوا يا فلسطينيون، حاربوا يا عرب، حاربوا يا مسلمون.
هذه هي أرضنا وهي ملك لنا، فحاربوا من أجلها.
و أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا رسول الله.
Comments
Post a Comment